أطروحات دستورية

هذه المدوّنة لا تدعو لتعديل دستور مصر الحالي بل إلى تغييره ... إلى ما هو أفضل.
يحتاج الدستور المصري المنشود إلى حوار قومي يشارك فيه الشعب مع المتخصصين. وإذ يبدأ الحوار من علامات الاستفهام، جاءت هذه المدوّنة لتطرح بعض النقاط وتدعو لمناقشتها

Monday, March 28, 2005

حرية...رقابة...مصادرة

مقدمة:

جاء في المادة 47 من الدستور المصري الحالي أن "حرية الرأي مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون" وفي المادة 48 أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة ، والرقابة على الصحف محظورة" (لاحظ أن هذه العبارة يتم تكرارها في المادة 208 الواردة في الباب الخاص بالصحافة من المادة 206 إلى 211).

هذا لا يكفي!

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

قبل تصوير فيلم سينمائي يجب أن تجيز الرقابة القصة والسيناريو والحوار، وقبل عرض الفيلم يجب أن تجيز الرقابة جميع المشاهد.
تحدث مصادرات كثيرة لكتب ولصحف (يمكن التعرف على بعض العناوين في هذا الرابط). بالتأكيد يساعد قانون الطوارئ المزمن على ذلك ولا أعلم ماذا سيحدث بعد إلغاءه.
تستطيع الصحف المصرية نقد الرؤساء مثل بوش وشيراك والقذافي بكل حرية، فيما عدا الرئيس المصري الذي تعامله الصحافة معاملة مختلفة.
بشكل عام أرى أن هذا الوضع يخلق ثقافة مبنية على الخوف بدلا ً من الثقة، ثقافة تدفع رجال الفكر والفن والرأي إلى عدم تجاوز المحظورات خوفـًا من الرقيب أو المُصادِر المُعاقِب وليس فقط احترامًا للقيم والمثل العليا. بالتالي يتم حرمان المجتمع من الكثير من المواد الفكرية والفنية والصحفية إما طوعًا من أصحابها بسبب الخوف أو رغمًا عنهم بالرقابة والمصادرة.
يجوز أن يكون هناك أسباب فعلية للرقابة أو المصادرة في حالات عدم احترام الحياة الخاصة للأفراد أو عدم احترام حقوق الملكية الفكرية أو التعرض لما يمس الأعراض أو لما يدعو للعنف أو كراهية الآخر، ولكن يبقى الدافع الأسمى هو "حماية" المجتمع.
كلما زادت الحماية كلما زادت الحاجة للحماية، مما يبرر المزيد والمزيد من الحماية. لقد استسلمنا للحماية فأصبحنا في دائرة مغلقة: نقول أن المصريين البسطاء يحتاجون للرقيب والمُصادِر ليحمي عقولهم، ونتيجة لذلك يظلـّون بسطاء إلى الأبد، وهلم جرا.
والآن نحتاج لكسر هذه الدائرة المفرغة دون إحداث انفجار في المجتمع، نحتاج لكسر تدريجي محسوب.

اقتراحي للدستور المنشود:

* أن ينص الدستور بوضوح على أن حرية الرأي والتعبير والإبداع مكفولة بلا قيود أو رقابة.

* أن تكون الوسيلة الوحيدة لمراعاة احترام القيم والمثل العليا هو ميثاق كل مهنة من المهن المتعلقة بالرأي والتعبير والإبداع والصحافة، وهو ميثاق إجباري يوقـّع عليه كل من يريد أن يمارس هذه المهنة.

* أن يكون للقضاء وحده (دون التأثير من أي جهة أخرى أيًا كانت) الحكم في حالات خرق هذا الميثاق، ويكون الحكم في الحالات العادية بالغرامة ووقف النشر والتوزيع، أما إذا ثبت سوء النية فتضاف عقوبة المنع من مزاولة المهنة لمدة معينة، ولا يجوز في هذه القضايا فرض أي عقوبة مقيّدة للحرية

Wednesday, March 23, 2005

هل ستكون لغتنا الأم أداة اتصال رسمية للدولة يومًا ما؟

مقدمة:

في كثير من الدول يحدد الدستور اللغة أو اللغات الرسمية الواجب استخدامها. هذه اللغة أو اللغات تصبح أدوات الاتصال التي تستخدمها الدولة لمخاطبة المواطنين فتكون لغة القوانين والتشريعات والقضاء والتعليم.

اختيار هذه اللغة أو اللغات يجب أن يعبّر عن واقع المجتمع من ناحية والإرادة السياسية من الناحية الأخرى. وبعد أن يتم هذا الاختيار يجب التمسّك بتنفيذه وإلا يفقد معناه. أما الدستور المصري الحالي فهو على غير ذلك.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

بالرغم من أن اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية المصرية متقاربتان، إلا أنهما ليسا واحدًا. الأولى لغة مكتوبة لها قواعد محددة ولها من يهتم بشئونها (مثل مجمع اللغة العربية) وهي لغة مشتركة مع عدد من الدول والشعوب، في حين أن الثانية لا ترقى لأن تكون لغة إذ أنها لا تكتب إلا بالاعتماد على القليل من قواعد الأولى وخرق الكثير من هذه القواعد، وهي لهجة لا تجد من يهتم بشئونها ولا تخص إلا الشعب المصري وحده.

يحدد الدستور المصري في البند الثاني أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، دون الإشارة إلى اللهجة المصرية. غياب الإشارة إلى اللهجة المصرية هو في رأيي أحد النواقص الدستورية لسببين:

أولا ً لأنه لا يعبّر عن الواقع المجتمعي لأن لغتنا الأم، أي ما نتحدث به في بيوتنا ويتعلمه الطفل منذ مرحلة اكتشاف قدرته على النطق، هي اللهجة العامية المصرية. أما اللغة العربية الفصحى بقواعدها واستخداماتها الغنية فلا نتعلمها إلا عند دخولنا المدرسة (اقرأ فهامة أحمد رجب في عدد أخبار اليوم 12 مارس 2005). هذه اللهجة العامية المصرية لها أشكال إقليمية مختلفة (الصعيدية والسكندرية والبورسعيدية وغيرها) ويستثنى منها أهالي النوبة وبعض الواحات مثل سيوة حيث اللغة الأم هي النوبية والسيوية. الغريب في الأمر هو أننا نتعلـّم اللغة العربية الفصحى بالاعتماد على العامية لأن المدرسين والتلاميذ في الفصل يتحدثون بخليط من الاثنين بنسبة متفاوتة تزيد نسبة الفصحى فيها في حصص اللغة العربية والتربية الدينية لكنها لا تصل لنسبة المائة بالمائة إلا نادرًا لعدم رغبة المدرسين أو لعدم قدرتهم أو لعدم تجاوب التلاميذ الكامل.

ثانيًا لأن رجال الدولة وأجهزتها لا يقومون بتطبيق هذا البند بشكل كامل، فلا يخلو خطاب لرئيس الجمهورية أو لغيره من ممثلي الدولة من خليط بين العامية والفصحى، وتزيد نسبة العامية في الأجزاء المرتجلة أو شبه المرتجلة من الخطاب، وخصوصًا في الإجابة على أسئلة الجمهور. هذا الوضع غير دستوري، وبالتالي علينا إما أن نغيره ليتلاءم مع الدستور أو أن نغير الدستور ليكون أكثر واقعية.

اقتراحي للدستور المنشود:

* اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية المصرية هما أداتي الاتصال اللغوي للدولة (يمكن إنشاء مجمع اللهجة العامية المصرية لمتابعة تطورها ولوضع قواعد لكتابتها إذا لزم الأمر).

* تتمتع اللغة النوبية والسيوية واللهجات المحلية بصفة تفضيلية في النطاق الجغرافي التي تُستخدم فيه كلً منها (يمكن أن يستخدمها رجال السياسة في التخاطب مع جماهير هذه المناطق ويمكن استخدامها في المدارس الحكومية وإنشاء صحف وإذاعات وبرامج تلفزيونية تستخدمها).

Friday, March 18, 2005

مجلس الشورى، مجلس للصفوة

مقدمة:

يعتبر مجلس الشورى الدار العليا (أو الحجرة العليا) في النظام ثنائي الحجرات. الهدف من وجود الدار العليا هو غالبًا إعطاء تمثيل سياسي أكبر لصفوة المجتمع. ولكي لا يتعارض ذلك مع المبادئ الجمهورية والديمقراطية فإنه يجب أن يكون ذو سلطات أضعف من الدار السفلى.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

الشكل المصري الحالي لمجلس الشورى واضح إلى حد كبير، فهو مجلس لإبداء الرأي فقط. السلطات الفعلية تبقى في يد مجلس الشعب والمؤسسة الرئاسية.
ولكن ... تشكيل مجلس الشعب الحالي لا يسمح له لأن يكون ممثلا ً لصفوة المجتمع ولا يؤهله لأن يقوم بدوره في إبداء الرأي والمشورة على أكمل وجه.
ثلثي الأعضاء يتم انتخابهم بشكل ديمقراطي مثلما يتم انتخاب أعضاء مجلس الشعب، أي أنهم أفراد يمثـّلون عامة الشعب. ولكن لا صوت حقيقي لهؤلاء الأعضاء لأنهم نواب في مجلس لا يقوم بصنع القرار، وكأن المطلوب منهم هو إبداء رأي يمكن أن يبديه أعضاء مجلس الشعب. لذلك لا أرى أي فائدة من وجود نواب مجلس الشورى المنتخبين بهذا الشكل.
أما الثلث الذي يقوم رئيس الجمهورية بتعيينه فهو يمثـّل بالفعل صفوة المجتمع، إلا أنها الصفوة التي تروق للرئيس، أي أنهم أهل العلم والخبرة القادرين على إبداء الآراء السديدة لكن شرعية وجودهم في المجلس منقوصة لغياب نظام ديمقراطي لاختيارهم.
أعتقد أننا بحاجة إلى نظام جديد يتيح لمجلس الشورى أن يكون أعضاءه من الصفوة العلمية وأصحاب الخبرة ويكونوا في ذات الوقت مختارين بشكل ديمقراطي ليقوموا بإبداء الآراء السديدة ليساندوا مجلس الشعب والنظام السياسي في عملية اتـّخاذ القرارات.

اقتراحي للدستور المنشود:

* أقترح أن يتم تكوين مجلس الشورى من ثلاث فئات:

أولا ً: ممثلو الهيئات العلمية والبحثية: يحدد مجلس الشعب قائمة بالمقاعد المتاحة بواقع مقعدين لكل تخصص أكاديمي (للعلوم والآداب والتكنولوجيا والعلوم الدينية...) كما يحدد مجلس الشعب قائمة بالجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث التي لها حق تقديم المرشحين لهذه المقاعد. تقوم الجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث بتقديم مرشحيها لشغل المقاعد المتاحة مع توفير نبذة عن أعمالهم العلمية لإثبات تمكـّنهم من التخصص الذي يتم ترشيحهم فيه، ويقوم نواب مجلس الشعب بانتخاب نواب مجلس الشورى من بين هؤلاء المرشحين. يتم تحديث هاتين القائمتين قرب نهاية كل دورة برلمانية.

ثانيًا: ممثلو القطاعات المهنية ومنظمات المجتمع المدني: يحدد مجلس الشعب قائمة بالنقابات المهنية وأنواع منظمات المجتمع المدني (الجمعيات الأهلية والتعاونيات ومراكز الشباب...) التي لها حق تقديم من يمثلها في مجلس الشعب. تقوم الجمعية العمومية لهذه النقابات وللاتحادات التي تمثل منظمات المجتمع المدني على المستوى القومي بانتخابات داخلية لتحديد ممثليها في مجلس الشورى بواقع ثلاثة ممثلين عن كل نقابة وكل نوع من أنواع منظمات المجتمع المدني.

ثالثـًا: لرؤساء الجمهورية ورؤساء الوزارة والوزراء السابقين الراغبين في عضوية مجلس الشورى الحق في أن يكونوا أعضاء دائمين، ولمجلس الشعب الحق في إسقاط عضويتهم.

Wednesday, March 16, 2005

المرأة نصف السياسة

مقدمة:

أنتهز فرصة أن اليوم هو يوم المرأة المصرية لأقدم هذه الأطروحة. أريد أولا ً أن أوضح أنني لا أدعي الدفاع عن حقوق المرأة ولا أحاول تمكينها لأنني مقتنع بأن ذلك ليس من اختصاصي كرجل بل هو دور كل امرأة تعي بقيمة كونها امرأة. الهدف من هذه الأطروحة ليس مصلحة المرأة بل مصلحة الحياة السياسية ومصلحة المجتمع ككل بما فيه المرأة التي تشكل نصفه.

يمكن قياس مدى عمق الديمقراطية في أي نظام بقياس التباين بين تركيب سكان الدولة و تركيب النخبة السياسية المنتخبة. بقدر ما كانت النخبة السياسية مرآة للمجتمع التي تمثله بقدر ما يكون ذلك دليلاً لوجود مناخ ديمقراطي صحيح. في مصر نجد أن نسبة المرأة في النخبة السياسية المنتخبة أقل كثيرًا من نسبتهن في المجتمع. نعم، هي تشكل نصف المجتمع بما لا يدع مجالا ً للشك، أما الدستور المصري الحالي فيفترض أن العمال والفلاحين هم نصف المجتمع بدلا ً من المرأة.


تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

يقوم الدستور المصري الحالي بما يسمى "التمييز الإيجابي" بفرض حد أدنى لتمثيل العمال والفلاحين في مجلس الشعب، وهي إحدى منجزات الثورة. ذلك لأن الثورة شعرت بأن هناك عدم مساواة سياسية وأن هناك طبقات تعيش على هامش الحياة العامة، وكان يجب إجراء تدخّل قوي لإيجاد حل لهذه المشكلة. على مدى خمسين عامًا تمّكن هذا النظام الفريد في العالم أن ينقل العمال والفلاحين من هامش الحياة العامة إلى متنها. غير أن الأصل هو أن يصل العمال والفلاحون إلى مناصب صنع القرار دون الحاجة إلى التمييز الإيجابي. أعتقد أن نجاح هذه التجربة يمكن قياسه بطريقة واحدة: وقف هذا النظام ومراقبة المشاركة السياسية، فإذا لم يتم إعادة تهميش العمال والفلاحين فإن ذلك دليل على أن الهدف قد تحقق وأن المجتمع المصري تعلـّم درس الديمقراطية ولن يحيد عنه.
والآن علينا أن نفعل بالمثل مع المرأة لأنها طاقة كبيرة لم يتم الاستفادة منها بعد. المرأة لها لمسة خاصة في الحياة نفتقدها في المجال السياسي. أعتقد أنه إذا وجدت نسبة من السيدات في البرلمان تماثل نسبتهن في المجتمع سيكون ذلك بمثابة طفرة إيجابية غير مسبوقة.

اقتراحي للدستور المنشود:

* يتم تمثيل كل دائرة انتخابية بواسطة ناخبين أحدهما رجل والأخرى سيدة، وبالتالي يكون بمجلس الشعب نسبة 50% من السيدات. ينطبق ذلك على المجالس المحلية أيضًا.

* يشترط في أي تشكيل وزاري أن يضم 50% من السيدات.

* يتم إلغاء هذا التمييز الإيجابي بعد فترة 40 عامًا من بداية تطبيقه وهي فترة كافية لأن يصبح التواجد النسائي في الحياة السياسية جزء لا يتجزأ من النظام.

Monday, March 14, 2005

الانتخابات المباشرة هي الطريق الوحيد لاختيار صانع القرار

مقدمة:

في الأسرة لا يجوز انتخاب الأب، وفي المملكة لا يجوز انتخاب الملك، أما في الجمهورية فلا يجوز أن يصل أي فرد لموقع صنع القرار إلا عن طريق الانتخاب المباشر.
أما النظام المصري الحالي فلا يشترط ذلك.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

نحن في مصر لا ننتخب صانعي القرار بشكل مباشر، إلى الآن، إلا في حالة نواب مجلس الشعب وأعضاء المجالس المحلية فقط (باعتبار أن مجلس الشورى ليس من صناع القرار بل من المساندين لصنع القرار). يتولّى مجلس الشعب المنتخب عمليًا مهمة اختيار الرئيس (لن يفعل ذلك بعد التعديل الدستوري المزمع إجراءه)، ثم يقوم الرئيس باختيار رئيس الوزراء والوزراء، ويقوم أيضاً بتعيين المحافظين، بل وأيضًا يقوم بتعيين عمداء القرى (بعد أن تم تفريغ العمودية من دورها ليصبح منصب شرفي لا تأثير سياسي له حتى أن بعض القرى تظل لسنوات بعد وفاة العمدة في انتظار تعيين عمدة جديد دون أن يسبب ذلك أي مشكلة). تمتد قاعدة تعيين صانعي القرار لتشمل جميع الهيئات المملوكة للدولة بما فيها الجامعات والكليات.
نتيجة ً لذلك تتحول عملية صناعة القرار في أغلبها إلى وظيفة لها قواعد مبنية لا يجوز الابتكار والاستحداث فيها فيصبح صانع القرار ناجحًا بقدر التزامه الحرفي بالقواعد وبقدر ولاءه لمن قام بتعيينه. النتيجة الثانية هي غياب المسائلة المجتمعية، أي أن صانع القرار المعيّن يحتاج لأن يقدّم تقاريره لمسئوليه دون الحاجة للتواصل مع الجمهور بشكل مباشر.
أما الانتخابات السياسية التي تتم إلى الآن (مجلس الشعب والشورى والمحليات) فتعاني جميعها من ضعف الإقبال كما تعتريها شبهات التلاعب. كلما يشك المواطن في نزاهة الانتخابات يمتنع عن الإدلاء بصوته وكلما ضعف الإقبال أصبح التلاعب أسهل.
و في انتخابات أعضاء مجالس إدارة أغلب منظمات المجتمع المدني (الأحزاب والجمعيات الأهلية والتعاونيات ومراكز الشباب) فتضاف مشكلة أخرى خطيرة هي "التزكية". التزكية هي ألا يتقدّم للترشيح إلا من يتم الاتفاق عليهم مسبقـًا دون الحاجة للجوء لصناديق الانتخابات. تحليلي لهذه الظاهرة هو أن المصري لا يحب أن يتسبب لنفسه أو لغيره بالحرج فيلجأ للتزكية حتى لا يكون هناك "خاسر" في الانتخابات. يستثنى من تلك القاعدة النقابات والنوادي، وأعتقد أن الأخيرة هي المثال المصري الأقرب للانتخابات الديمقراطية.
ومن الملاحظ في الانتخابات المصرية بجميع مستوياتها من أصغر جمعية أهلية إلى رئاسة الجمهورية أنها تعتمد على مبدأ "اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش" لتبرير عدم المجازفة بانتخاب وجه جديد فيظل الشخص في منصبه مدى الحياة. ومن المثير للسخرية أن أغلب رؤساء أحزاب المعارضة الذين يريدون أن يشمل التعديل الدستوري تحديد فترتين للرئيس هم أنفسهم يظلون رؤساء لأحزابهم حتى تتوفاهم المنية.
للأسف أرى أن الدستور والنظام الحالي لم يشجّعا على ثقافة الانتخابات وتجديد الدماء ولذلك أرى أننا بحاجة لأن نتعلـّمها.

اقتراحي للدستور المنشود وللقوانين المكملة له:

* أن ينص الدستور على أن المشاركة في الانتخابات هي إحدى الواجبات الإلزامية (أي الإجبارية) على كل مواطن يبلغ سن السادسة عشر (واجب إلزامي مثل دفع الضرائب وأداء الخدمة العامة). ولأن من حق المواطن أن يقاطع الانتخابات أو أن يبطل صوته إذا لم يكن يرى أي من المرشحين يصلح فأقترح أن تتضمن الاختيارات، بالإضافة إلى أسماء المرشحين، خانة "أقاطع الانتخابات" وخانة "أرفض جميع المرشحين".

* أن تكون كل مناصب صنع القرار السياسي بالانتخاب المباشر: رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية والمحافظين وأعضاء المجالس المحلية وعمد القرى (بمثابة رئيس المجلس الشعبي للوحدة المحلية القروية) وأعضاء مجالس المدن ورؤساء المدن و أعضاء مجالس الأحياء ورؤساء الأحياء. لا يجوز لأي فرد أن يرشح نفسه بنفسه بل يقوم الحزب بذلك (أنظر الأطروحتين السابقتين بشأن المستقلين والأحزاب).

* يقوم أعضاء مجلس الشعب بانتخاب رئيس مجلس الوزراء ونائبه وأعضاء الوزارة بناء على ترشيح حزب الأغلبية في المجلس، وذلك حتى يكون للمجلس السلطة الكافية لمسائلة الوزراء وحجب الثقة عنهم إذا لزم الأمر.

* تكون جميع مناصب صنع القرار (رؤساء وأعضاء مجلس الإدارة) في الهيئات التابعة للدولة (الجامعات والكليات والصحف والإذاعة والتلفزيون وغيرها من الهيئات المستقلة وشبه المستقلة) بالانتخاب (يكون الترشيح لهذه المناصب فرديًا وليس حزبيًا إذ أن هذه الهيئات لا تقوم بصنع السياسة العامة الدولة بل فقط السياسة الداخلية لكل منها في ظل سياسة الدولة).

* أن يكون الحد الأقصى للبقاء في أي منصب انتخابي فترتين فقط.

* تحديد يوم ثابت كل عامين للانتخابات السياسية بالتناوب: انتخابات مجلس الشعب وبعدها بسنتين انتخابات الرئاسة وبعدها بسنتين انتخابات المحافظين والمحليات.

ملحوظة: لم أتحدث عن انتخابات لمجلس الشورى لأن هذا المجلس يحتاج إلى أطروحة كاملة ستأتي في موعدها.

Saturday, March 12, 2005

نحو حياة حزبية حرة منظمة

مقدمة:

رفضي لترشيح المستقلين للمناصب السياسية (أنظر الأطروحة السابقة) لا يعنى فرض قيود مانعة للمواطن العادي في الترشيح. حل هذه المعضلة هو في جعل تكوين الأحزاب السياسية بلا قيود أو موانع بل تكفي بعض الشروط العامة.

يكفل الدستور المصري الحالي التعددية الحزبية لكن قانون الأحزاب يضع قيودًا على إنشائها ... خوفـًا من زيادة عددها ونفوذها.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

منذ انتهاء عهد الحزب الواحد وإعادة التعددية الحزبية وهناك مشكلة قائمة: كيف يتم إنشاء حزبًا جديدًا؟ تضم الساحة السياسية المصرية حاليًا 18 حزبًا (بإضافة حزب الغد المشهر في أكتوبر 2004): 10 أحزاب تم إنشائها بقرار من المحكمة الإدارية بعد رفض لجنة شئون الأحزاب و 5 أنشأتها الدولة بدعم من رئيس الدولة (السادات) أو بقرار مباشر منه و3 فقط وافقت عليهم لجنة شئون الأحزاب. (لمزيد من المعلومات اقرأ هذه الدراسة). هذه اللجنة هي في حد ذاتها أحد القيود لأنها تفتقر إلى الحياد ولأنها كثيرة الرفض. السبب الرئيسي لهذا الرفض هو أن برنامج الحزب المقدّم له توجّهات مشابهة للأحزاب القائمة ولا يضيف شيئـًا للحياة الحزبية كما تدعي اللجنة أن المبرر لهذا الرفض هو ضمان عدم التشويش بين الأحزاب وعدم تفتيت أصوات الناخبين.

وإن بدا هذا السبب ظاهريًا في صالح الحياة السياسية لكنه من الناحية الأخرى يفرض الوصاية على الأحزاب ويعاملها على أنها غير ناضجة وبالتالي يساهم في عدم إعطائها فرصة للنضوج. ما الذي يمنع أن يكون هناك أكثر من حزب لهم توجّهات سياسية متشابهة؟ سيتصارعون فيما بينهم في بادئ الأمر إلى أن يكتشفوا سويًا أن هذا الصراع ليس في صالحهم، وعندما يصلون لمستوى النضج الكافي سيحاولون التنسيق فيما بينهم وبعدها يتحالفوا ثم يتحدوا ليصبحوا قوة في مواجهة الأحزاب ذات التوجّهات الأخرى.

اقتراحي للدستور المنشود ولقانون جديد للأحزاب:

* أقترح إلغاء لجنة شئون الأحزاب واستبدالها بمكتب تسجيل الأحزاب وهو مكتب إداري تابع للمحكمة الدستورية العليا أو مجلس الدولة تكون مهمته فقط مراجعة مستندات تأسيس الحزب والاحتفاظ بها في الأرشيف الخاص بذلك وإعطاء الحزب المؤسس رقم التسجيل.

* أقترح حظر إنشاء أي حزب يتضمّن برنامجه ما يتعارض مع الدستور، ولا يجوز لأي حزب أن يكون له جناح عسكري أو أن يدعو إلى العنف أو أن يرفض عضوية أحد المواطنين (أي أنه لا يجوز للحزب أن يكون ذو عضوية انتقائية).

* أقترح أن تختص المحكمة الدستورية العليا وحدها في رفض تأسيس الأحزاب التي لا تتوافر فيها الشروط سالفة الذكر، ويظل الحزب عاملا إلى أن يصدر قرار المحكمة بحله.

* أقترح أن يكون تسجيل الأحزاب على ثلاث مراحل:
أولا ً: مشروع حزب: عند قيام عدد أدنى معيّن من الأعضاء المؤسسين (30 مثلا ً) بإيداع البرنامج السياسي المبدئي للحزب في مكتب تسجيل الأحزاب. بعد هذا الإجراء يكون من حق مشروع الحزب أن يقوم بحملة دعائية لجلب أعضاء جدد حتى ينتقل للمرحلة الثانية.
ثانيًا: حزب ناشئ: عندما يتخطى عدد الأعضاء رقم معيّن (ألف مثلا ً) ويكون لدى الحزب على الأقل مقرين أحدهما مقرًا مركزيًا في القاهرة. كل مقر يخدم عددًا من المحافظات المتجاورة لا يتعدّى أربعة محافظات على ألا يقل عدد الأعضاء المسجلين في كل مقر إقليمي عن عدد معيّن (500 مثلا ً). يكون من حق الحزب الناشئ أن يقدّم مرشحين لانتخابات مجلس الشعب وانتخابات المحليات في الدوائر الانتخابية التي تخدمها المقرات المتوفرة لديه.
ثالثـًا: حزب عامل: عندما تغطي مكاتبه الإقليمية جميع محافظات الجمهورية وتكون له صحيفة تصدر بشكل دوري. من حق الحزب العامل أن يقدّم مرشحًا للانتخابات الرئاسية (وبهذا نضمن أيضًا جدية المرشحين للرئاسة بضمان جدية الأحزاب العاملة التي يمثلونها، وذلك ردًا على النقاش الدائر حاليًا في مجلس الشعب بشأن الشروط الواجب توافرها في المرشح وضمان جدية الترشيح).

Wednesday, March 09, 2005

هل نحتاج لمستقلين؟

مقدمة:

في الأطروحة الأولى ذكرت رفضي قيام أحد المستقلين (أي غير المنتمين لأي من الأحزاب السياسية) للترشيح لمنصب الرئيس. هذا الرفض ينطبق أيضًا على ترشيح المستقلين لعضوية مجلس الشعب والمجالس الشعبية المحلية.
تندرج عملية صنع القرار السياسي تحت ما يسمى بالعمل العام، أي العمل الذي يستهدف مصلحة عامة الناس. ويجوز ممارسة العمل العام، بما فيه صنع القرار السياسي، إما بصفة فردية كأن يكون السياسي مستقلاً أو بشكل جماعي من خلال العضوية في أحد الأحزاب. أعتقد أن العمل العام يؤتي بنتائج أفضل عندما يكون عملاً جماعيًا.
وإن لم يكن في الدستور المصري أو في قانون مباشرة الأحوال السياسية ما يتنافي مع حق كل فرد تتوافر فيه بعض الشروط أن يمارس السياسة، إلا أن النظام الحالي يشجّع على العمل الفردي.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

أتصوّر أن هناك ثلاثة احتمالات لإتاحة الفرصة لمن يريد أن يتقدّم بالترشيح وأن يساهم في صنع القرار السياسي:
1- أن يتاح للجميع تكوين أحزاب سياسية بلا قيود (فقط بعض الضوابط والشروط غير المثبّطة) مع قبول ترشيح المستقلين ممن لا يريدون الانضمام لأي حزب.
2- وضع قيود على عملية إنشاء الأحزاب مع تعويض ذلك بالسماح للمستقلين بالترشيح.
3- إتاحة تكوين الأحزاب بيسر مع عدم السماح بترشيح المستقلين.
وإذا كان الشكل الأول يبدو أكثرهم مرونة معطيًا الحرية المطلقة للممارسة الفردية والجماعية، فإن النموذج المصري الحالي يتبنّى الشكل الثاني، أما اقتراحي فيميل إلى الاختيار الثالث.
ما معنى أن يتقدّم شخص مستقل بترشيح نفسه؟ إذا كان يملك فكرًا وتوجّهًا سياسيًا يتماشى مع برنامج أحد الأحزاب القائمة فلينضم إليه ويطلب من الحزب ترشيحه، وإذا لم يكن هناك حزب بعد فليبحث عمّن يشاركه الرأي ويقتنع بتوجّهه ليقوموا معًا بتأسيس حزبًا جديدًا.
أعتقد أن المستفيد الأكبر من إمكانية ترشيح المستقلين هو الحزب الحاكم، وقد ظهر ذلك جليًا خلال انتخابات مجلس الشعب عام 2000 عندما لم يحصل الحزب الوطني الديمقراطي على أغلبية المقاعد إلا بعد انضمام أغلب النواب المستقلين إليه وذلك بعد ظهور نتائج الانتخابات. وكان هؤلاء "المهرولون" كما سماهم البعض من أعضاء الحزب الوطني بالفعل، انسحبوا منه قبل الانتخابات لأن الحزب قدّم غيرهم للترشيح، وخاضوا الانتخابات كمستقلين وإن كتب أغلبهم على لافتاتهم عبارة "مستقل على مبادئ الحزب الوطني". وبالطبع قبل الحزب عضوية هؤلاء بعد الانتخابات احترامًا لحرية العضوية من ناحية وسعيًا لنيل أغلبية المقاعد من الناحية الأخرى.
أهم ما يجعلني أدعو للاختيار الثالث هو أني أفترض جدلاً أن يتم انتخاب مجلس شعب كل أعضائه من المستقلين. حينئذ لن تكون هناك إمكانية لتشكيل وزارة وسندخل في معضلة لا أرى حلاً لها. وماذا لو تم انتخاب رئيسًا للجمهورية مستقلاً؟ إذا ظل على استقلاله حرم نفسه من مشورة الأعضاء الحزبيين وكأننا رجعنا لحكم الفرد وهو ما لا يتماشى مع النظام الجمهوري، وإذا انضم لحزب قائم أو أسس حزبًا جديدًا فما الذي كان يمنعه عن القيام بذلك قبل الانتخابات وما الذي يضمن أن الناخب الذي أعطاه صوته يوافق على هذه الخطوة؟

اقتراحي للدستور المنشود:

* أن ينص الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية على اقتصار حق تقديم المرشحين للانتخابات السياسية والبرلمانية والمحلة على الأحزاب السياسية على أن يكون البرنامج السياسي لمرشح الحزب منبثقـًا عن برنامج الحزب. (هذه الفكرة تضع حلاً لمشكلة جديّة الترشيح
* أن ينص الدستور على وجوب إعادة الانتخابات في حالة تغيير الشخص المنتخب لانتمائه الحزبي أو في حالة توقف حزبه عن العمل.

ملحوظة: سوف تتناول الأطروحة القادمة موضوع الشروط والقيود المفروضة على عملية إنشاء الأحزاب، وهي الوجه الآخر لموضوع هذه الأطروحة.

Friday, March 04, 2005

هل نبني الجمهورية على أيديولوجية؟

مقدمة:

هناك نوعان من الأيديولوجيات السياسية. النوع الأول مشترك، ومن المفترض أن تتبناه وتخضع له جميع القوى والتيارات السياسية العاملة، مثال على ذلك مبادئ الديمقراطية واحترام النظام الجمهوري. والنوع الثاني يمِّز كل قوة أو تيار سياسي عن سواه ليصنفّ التوجّهات السياسية إلى يمين ويسار ووسط وطريق ثالث، مثال على هذه الأيديولوجيات الفكر الاشتراكي أو التقدمي أو الوحدوي أو القومي أو الاجتماعي أو الرأسمالي أو الناصري أو الليبرالي أو المناهض للعولمة أو الماركسي أو المدافع عن حقوق الإنسان أو المحافظ أو الشيوعي أو المدافع عن البيئة أو المناهض للتمييز ضد المرأة ... أو غيرها ... أو مزيج منها ... أو انعدام لأي فكر سياسي. من واجب الدستور أن يفرض الأيديولوجيات العامة من النوع الأول على الجميع فلا يعطي الشرعية لأي قوة سياسية لا تحترم الديمقراطية والنظام الجمهوري، وأيضًا من واجبه أن يسمح لجميع الأيديولوجيات المميّزة من النوع الثاني أن تتواجد في الساحة السياسية مع بقاء الدستور محايدًا تجاهها.

أما الوضع الحالي للدستور المصري فهو على غير ذلك، بل أن به ما يدمّر الحياة الحزبية.


تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

ينص البند رقم 1 من الدستور المصري الحالي على أن "جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي... "، فضلا ً عن وجود العديد من الإشارات الأخرى مثل لفظ "المكاسب الاشتراكية".

عندما وُضع هذا البند الأول مع باقي الدستور عام ، أي1971 في بدايات الفترة الرئاسية الأولى للسادات، كان يحمل كل معناه لأن مصر كانت بالفعل في ذلك الوقت دولة اشتراكية بحسب النموذج الناصري وكان يحكمها الحزب الواحد وهو الاتحاد الاشتراكي. غير أن الوضع بدأ يتغيَّر بعد ذلك بثلاث سنوات فقط إذ أن السادات أخذ بمبدأ الانفتاح الاقتصادي، ثم بعدها تم الاعتراف بوجود تيارات سياسية مختلفة داخل الحزب الواحد سرعان ما تحوّلت إلى أحزاب سياسية مستقلة في نظام التعددية الحزبية. منذ ذلك الحين تحوّل هذا البند من الدستور إلى نوع من أنواع العبث فأصبح مجرّدًا من معناه. ومن الجدير بالذكر أن الحزب الحاكم وهو الوطني الديمقراطي لا ينسب لنفسه صفة الاشتراكية فهو لا يحمل في داخله الفكر الاشتراكي مع أنه سليل تيار الوسط في الاتحاد الاشتراكي السابق.

يتساءل البعض أحيانـًا عن جدوى الاحتفاظ بهذا البند في الدستور فتكون الإجابة أن الاشتراكية المشار إليها تحمل معنى واسعًا فضفاضًا يمكنه أن يسع كل الأفكار والسياسات، أي بمعنى آخر أن الاشتراكية المقصودة لا تمت للاشتراكية المتعارف عليها بصلة بل هي مجرد بقايا الماضي الذي لا نعرف كيف نواجهه.

والغريب في الأمر أن السادات أجرى بالفعل عام 1980 تعديلا ً دستوريًا شمل بنودًا عديدة منها هذا البند الأول، ولكنه لم يحاول أن يحذف الأيديولوجية الاشتراكية من الدستور مع أنها لم تكن تتماشى مع واقع سياساته. هل كان ينوى إرجاء ذلك لوقتٍ لاحق لكن لم يمهله القدر، أم أنه اكتفى بإفراغ الاشتراكية من مضمونها السياسي فلم يعد استمرار وجود التعبير اللفظي عنها يشكل مضايقة له؟ إذا كان لدى أحد القراء تفسيرًا لذلك أتمنى أن تشاركوني به.


اقتراحي للدستور المنشود:

* أن ينص الدستور بوضوح وبتفاصيل عملية على الديمقراطية ومبادئ النظام الجمهوري فلا يسمح لأي تيار سياسي أن ينال من هذه الأيديولوجيات العامة أو أن تخطى إحداها.

* ألا ينص الدستور بأي شكل من الأشكال على توجّه أيديولوجي مميِّز للدولة تاركـًا تلك المهمة للتيارات والقوي السياسية الممثلة في الأحزاب المختلفة كي تدخل فيما بينها في حوار ومواجهة وبناءً عليه يختار الجمهور في إطار الانتخابات الديمقراطية الاتجاه الذي يريده لتسيير المجتمع والدولة

Tuesday, March 01, 2005

فترة الرئاسة وعمر الرئيس

مقدمة:

لم يذكر مبارك في اقتراحه بشأن التعديل الدستوري المرتقب أي شيء عن حد أقصي لعمر المرشح للرئاسة وحد أقصى لعدد الفترات الرئاسية، وذلك لا يدعو للدهشة لأن في ذلك ما يسبب حرجًا له.

يحدد قانون العمل حد أدنى وحد أقصى لعمر العامل أو الموظف، ويُطلق على الثاني "سن المعاش". الإحالة على المعاش أمر مهم للمجتمع وعلامة على التضامن بين الأجيال بغض النظر عن قدرة الشخص على الاستمرار في العمل ورغبته في ذلك وكفاءته الناتجة عن خبرته الطويلة. أهمية الإحالة على المعاش تكمن في سببين: 1) أن يتمكن الشخص من أن ينال قسطًا من الراحة في سنه الكبير، وهو أحد حقوقه، مع قبوله مبلغ شهري يعبّر عن عرفان المجتمع لمجهوداته طوال سنوات خدمته، 2) أن يترك الشخص المحال على المعاش مكانه لأحد الشباب، وهو أحد واجباته، لضمان الاستمرار ولاحتياج الشباب لدخول الحياة العملية.

أما في الحياة السياسية المصرية فنجد الوضع مختلفـًا بعض الشيء.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

يحدد الدستور المصري الحالي حدًا أدنى لعمر المرشح للرئاسة دون تحديد حدًا أقصى ودون وضع قيود على عدد الفترات الرئاسية. هذا الوضع لا يشجِّع على التغيير ولا يحفـّز على التضامن بين الأجيال فهو لا يصبّ إلا في مصلحة الحزب الحاكم وحده لأن أي تغيير سياسي يمكنه أن يترك الفرصة لإضعاف مكانته. نتيجة ً لذلك ند ان رؤساء الجمهورية يظلـّون في الحكم إلى أن تتوفاهم المنية مثل عبد الناصر والسادات. أمنا الرئيس الحالي مبارك فهناك احتمال أن يكون مرشحًا للرئاسة هذا العام 2005 لفترة رئاسية خامسة، برغم من أن عمره أكثر من 76 سنة. هذا الرقم (76) أكبر من السن القانوني للمعاش في مصر بـ16 سنة. أي أن زملاء الرئيس في المدرسة انتهت خدمتهم عند بلوغهم سن المعاش عام 1988. هذا الرقم يزيد أيضًا بـ6 سنوات عن توقع الحياة عند الميلاد في 2002 (أي المتوسط المتوقع لعمر الأفراد المولودين عام 2002) بحسب إحصائيات تقرير التنمية البشرية لمصر 2004.

الدستور الحالي يسمح بأن يكون رجل مسن رئيسًا للجمهورية ولا يضمن نقل السلطة للأجيال التالية.

اقتراحي للدستور المنشود:

* أن يشترط في المرشح للرئاسة أن يكون سنه أكثر من 35 سنة وأقل من سن المعاش القانوني يوم إجراء الانتخابات.

* أن تكون فترة الرئاسة ستة سنوات ميلادية. يحق للرئيس الجمع بين فترتين رئاسيتين متتاليتين أو غير متتاليتين

الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر