أطروحات دستورية

هذه المدوّنة لا تدعو لتعديل دستور مصر الحالي بل إلى تغييره ... إلى ما هو أفضل.
يحتاج الدستور المصري المنشود إلى حوار قومي يشارك فيه الشعب مع المتخصصين. وإذ يبدأ الحوار من علامات الاستفهام، جاءت هذه المدوّنة لتطرح بعض النقاط وتدعو لمناقشتها

Wednesday, April 06, 2005

قانون الطوارئ...للطوارئ فقط

مقدمة:

في حالات الخطر يحس المواطنون بعدم الأمان ويستوجب ذلك تنظيم استثنائي وهو قانون الطوارئ. يمكن تحليل الفكرة من وراء هذا القانون على أنه عقد رمزي بين المواطنين والسلطات يتخلى فيه المواطنون عن جزء من حرياتهم في مقابل مساحة تحرك أكبر للسلطات للتعامل مع الخطر، وفي مقابل هذا التخلي عن الحرية يحصل المواطنون على إحساس أكبر بالأمان. وعندما يزول الخطر يحس المواطنون بالأمان العادي فيفقد العقد الرمزي جدواه، لذلك يتم فسخه ويسترجع المواطنون ما كانوا قد تخلوا عنه من حرية. أما الوضع المصري الحالي فهو لا يتبع هذه الرؤية.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

تعيش مصر في ظل قانون الطوارئ منذ سنوات وسنوات وتطالب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بإلغائه دون فائدة. أحد جوانب المشكلة هو رغبة النظام الحاكم في استمرار العمل بهذا القانون لأنه يوفـّر آليات وصلاحيات تجعل إدارة البلاد (أو بمعنى آخر إحكام السيطرة على البلاد) أسهل. أما الجانب الآخر من المشكلة فهو أن الدستور الحالي يسمح بذلك لسببين:

أولا ً: تبدأ المادة 148 من الدستور بعبارة "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون" دون تحديد الحالات والمعايير التي تستدعي هذا الإعلان فيترك الدستور هذه المهمة لرئيس الجمهورية "على الوجه المبين في القانون".

ثانيًا: تنتهي هذه الفقرة بعبارة "وفي جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة، ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب" دون تحديد الحالات والمعايير اللازمة للمد بالعمل بالقانون.

هذين السببين ليسا أصل المشكلة لأن القانون يمكن تداركهما بسهولة (لن أبدي رأيًا في القانون نفسه لأني لم أطـّلع عليه، وعلى كل حال فإن اللائحة الداخلية لمجلس الشعب تؤكد في المادة 113 و114 على أهمية إبداء أسباب ومبررات إعلان أو تمديد حالة الطوارئ)، لكن أصل المشكلة في نظري هو أن الدستور لا يربط بين إعلان الطوارئ وبين تعرض البلاد لخطر استثنائي. وإذا كان ذلك بديهيًا لا يحتاج لذكره لما ادّعى النظام الحاكم بأن القانون نافع أيضًا لمكافحة المخدرات التي هي مرض مجتمعي مزمن وليست خطر استثنائي (مع أن كلمة طوارئ تحمل معنى الخطر الاستثنائي بالفعل).

نتيجة لهذا التساهل في الدستور وقع النظام الحاكم في أحد فخاخ السلطة فأصبح لا يريد التخلي عن قانون الطوارئ محاولا ً ربط استخدامه بقضايا مزمنة لتبرير التمديد المستمر إلى أن أصبح قانونـًا للحالات العادية يجب على الشعب أن يعتاد على التعايش به.

اعتياد السلطات على هذا القانون وتمديده باستمرار هو أمر مثير للقلق لأنه إذا حدثت طوارئ حقيقية مثلما شهدنا أحداث الإرهاب في التسعينات لا تكون هناك حاجة لمناقشة ذلك في مجلس الشعب بشكل ديمقراطي بل ينتقل مستوى اتخاذ القرار بالتعامل مع الموقف إلى مؤسسة الشرطة مباشرة ً بتفعيل استخدام صلاحيات الطوارئ المعلنة.

وما يزيد على ذلك هو أن العقد الرمزي الذي تحدثت عنه في المقدمة يصبح خدعة إذ أن المواطن يفقد جزء من حريته دون داع لعدم وجود خطر، ويحاول النظام الحاكم أن يقنع المواطن بالخطر لتمديد العمل بالقانون، وبالتالي يفقد المواطن من الناحيتين: يفقد جزء من حريته ويفقد أيضًا إحساسه بالأمان.

اقتراحي للدستور المنشود وللقوانين المكملة له:

* أن يربط بوضوح بين إعلان حالة "الطوارئ" ووجود "خطر" "استثنائي".

* أن يحدد قانون الطوارئ معايير العمل به (مثلا ً وقوع هجمات منظمة، حلول كوارث معيّنة...) ويذكر أيضًا آليات الانتهاء بالعمل به (مثلا ً عدم وقوع هجمات منظمة لمدة معيّنة أو انتهاء الآثار المترتبة على الكوارث بوقت معيّن).

* أن يحدد القانون أيضًا درجات للطوارئ إذ يمكن إعلانها جزئيًا إذا كان الخطر جزئي ويمكن إعلانها في نطاق جغرافي محدود يتناسب مع وجود الخطر.

3 Comments:

At 9:27 AM, Blogger R said...

عندي تساؤل جاد...
هل تسير مع الدستور بنداً بنداً أم تتناول الأفكار المطروحة أكثر على الساحة؟

أشعُر أنّ هُناك حاجة ماسّة لحفر أساس الدستور قبل الإغراق في التفاصيل.

مثلاً: الاتّفاق على شكل الحُكم ونظامه ومصدر التشريع والفصل بين السلطات وحدود كلّ سلطة.. ثم الانطلاق بعد ذلك إلى التفاصيل والاستثناءات...
ـ

 
At 11:28 AM, Blogger Milad said...

راء،

أنا لا أتناول الدستور بترتيب البنود لكني أقوم بعاصفة أفكار (للأسف أقوم بذلك وحدي، لو كنت في مصر لكنت حاولت تكوين مجموعة صغيرة) ثم أرتب النقاط بحسب رغبتي الشخصية في الكتابة دون أي تسلسل منطقي. أحيانـًا أقرأ خبر أو تدوينة حول أحد الموضوعات في القائمة فيشجعني ذلك على الكتابة فيها مباشرة ً على أمل أن يشجع ذلك الآخرين على التعليق، وهو ما أفتقد إليه الآن.

عمومًا أنا أستخدم مدوّنتي كمسودة لمشروع كتاب يحمل الاسم نفسه. أعتقد أنه خلال سنة سأغطي كل ما أريد من موضوعات لأنتقل إلى مرحلة مراجعة الأطروحات وترتيبها وتحديثها آخذًا تعليقات القراء في الاعتبار وسوف أقوم ساعتها بإضافة أسئلة تصلح للمناقشة في مجموعات صغيرة حتى يتخذ الكتاب شكلا ً عمليًا.

هل تعتقد أنه يجب عليّ تغيير التعريف الذي أعطيه للمدونة لأشرح فيه تفاصيل المشروع ولماذا أقوم به وأدعو القراء للتعليق؟

أما عن الحاجة الماسّة لحفر أساس الدستور فأنا أتفق معك على ذلك وهو سبب قيامي بعمل هذه المدوّنة في الأساس حتى لا تتخذ الأحداث نقطة انطلاق بل الأساسيات (على فرض أن ما يوضع في الدستور هو من الأساسيات)، لأني ألاحظ أننا نتحدث كثيرًا في الصحف والكتب عن الأحداث ونتحدث قليلاعن الأساسيات، مما لا يمنع وجود إسقاطات مباشرة أو غير مباشرة على الأحداث وعلى الواقع المصري. هل ترى أن المدوّنة "تغرق" في تفاصيل ثانوية وأن ما تتناوله إلى الآن ليس في الأساسيات؟ إذا كنت ترى ذلك فربما يكون لديّ مشكلة حقيقية لذا أرجوك أن تشرح لي رأيك بصراحة وبتفاصيل أكبر.
ـ

 
At 8:38 AM, Blogger R said...

لا.. لا تُغيّر المدوّنة ولا عنوانها.. متهيألي الناس على قدر كافي من الوعي والذكاء.

مشكلتي أنّ "عصف الأفكار" نوعاً ما عشوائيّ بالنسبة لي.

أقصد أنّه ليس مُرَتَّباً بالأولويّات..

أعتقد أنّ الأهم من الدستور الحالي مثلاً هو وثائق وضعه وكيف تناقش واضعوه في أمور كثيرة بحكمة كبيرة.

ما نحتاجه على هذه المدوّنة هو مناقشة الأصول والأسس أوّلاً (كما حدث في ما سبق):
نظام الحكم/ مصدر التشريع/ اشتراكيّة أم ديمقراطيّة أم جمهوريّة أم فدراليّة/ وهكذا..

لهذا شعرت أن موضوع الطوارئ-رغم أنّه طارئ-لا محلّ له من الإعراب.

قد يأتي لاحقاً
.

مشكلة قانون الطوارئ تمزج بين الفصل بين القوّات وسيادة القانون... لكن لا بأس بمناقشتها ما دامت هنا.

أعتقد أنّ قانون مكافحة الإرهاب الذي وضِع في بداية التسعينّات يحقّق هدف الحكومة المزعوم من قانون الطوارئ.

مش معقول بقى يتطبق على تجار المخدّرات وعبدة الشيطان والمثليّين جنسيّاً؟

هل من الصعب الحياة بلا قانون طوارئ؟
لا أظن

أظنّ من الصعب الحياة به أو بدونه على السواء :)
ـ

 

Post a Comment

<< Home

الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر