أطروحات دستورية

هذه المدوّنة لا تدعو لتعديل دستور مصر الحالي بل إلى تغييره ... إلى ما هو أفضل.
يحتاج الدستور المصري المنشود إلى حوار قومي يشارك فيه الشعب مع المتخصصين. وإذ يبدأ الحوار من علامات الاستفهام، جاءت هذه المدوّنة لتطرح بعض النقاط وتدعو لمناقشتها

Wednesday, March 01, 2006

دستور 1923


الآن يمكن الاطلاع على الدستور المصري الصادر في 19 أبريل سنة 1923 على إنترنت في هذا الرابط


Sunday, July 03, 2005

التظاهر...مُباح!؟ ـ


إهداء لكل من يشارك في مظاهرة سلمية من أجل مستقبل مصر. ـ

مقدمة:

يقر الدستور أن "السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات [...]" (المادة 2) وأن "حرية الرأي مكفولة [...]" (المادة 47) وأن المواطن "[...] مساهمته في الحياة العامة واجب وطني" (المادة 62). بناءً عليه يمكن أن نستنتج أن كل مواطن يخرج في مظاهرة سلمية 1) يعبّر بحرية عن رأيه 2) ويساهم في الحياة العامة 3) مؤديًا بذلك واجب وطني ينص عليه الدستور. غير أن كلمة التظاهر بكل مشتقاتها لا ترد صريحة في الدستور وأقرب مادة تتحدث عن الموضوع يمكن وصفها بأنها هزيلة للغاية.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

مبدئيًا الوضع الحالي غير طبيعي في ظل قانون الطوارئ المزمن (راجع هذه الأطروحة). لذلك لا سبيل لي إلا أن أتناسى مؤقتـًا الطوارئ لأفكر في الدستور كما هو مكتوب.

تنص المادة 54 أن "للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون".

نلاحظ أن الدستور يستخدم كلمة "حق" عند الحديث عن الاجتماع الخاص ولكنه يفضّل كلمة "مباحة" عندما يتعرض للاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات التي يمكن أن ندرج تحتها التظاهرات السلمية. وكلمة "مباحة" كلمة هزيلة وفارغة من المعنى لأن في الأصل كل شيء مباح طالما لم يرد نصًا يمنعه. بهذا فإن هذه الكلمة لم تضف شيئـًا مما يدعو للاعتقاد أنها وُضعت فقط من أجل صياغة الجملة تمهيدًا للتعبير التالي لها الذي يقول "في حدود القانون".

ويظهر ذلك بوضوح عند مقارنة هذه المادة مع ما قبلها أو بعدها فهي تأتي في الباب الثالث الذي يحمل عنوان "الحريات والحقوق والواجبات العامة". في هذا الباب يأتي ذكر أن "من حق المواطن كذا" أو "كذا واجب" أو تكفل الدولة حرية كذا" أو يُحظر على الدولة كذا". أما كلمة مباح هذه فلا ترد في هذا الباب، بل وفي الدستور كله، إلا في الموضع الذي تحدثت عنه في المادة 54. ألا يدعو ذلك للتساؤل؟

اقتراحي للدستور المنشود:

* أن يعتبر التظاهر السلمي إحدى وسائل التعبير عن الرأي وبالتالي تكون "حرية مكفولة" مثلها مثل باقي وسائل التعبير عن الرأي.

* أن تكون الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات "حق" مثلها مثل الاجتماع الخاص.
ـ

Tuesday, June 14, 2005

نائب الرئيس، إجباري أو اختياري؟

مقدمة:

من عجائب الدستور المصري الحالي طريقة تناوله لموضوع نائب الرئيس. ما فائدة هذا المنصب؟ يمكن استخلاص وجهتي نظر متباينتين للدستور للإجابة عن هذا السؤال إذ يمكن تفسير بعض المواد بشكل يوحي بأنه منصب لا غنى عنه في حين أن هناك بعض المواد الأخرى التي تجعل وجود هذا المنصب خاضعًا للأهواء والظروف.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

رأينا في أطروحة سابقة بعنوان "أين نضع الرئيس؟" أن رئيس الجمهورية له وضع مزدوج، فهو في ذات الوقت رئيس الدولة ككل ورئيس السلطة التنفيذية.

تتناول المواد التي تنظم دور الرئيس بصفته رئيس الدولة (من المادة 73 إلى المادة 85) وضع نائب الرئيس كأن وجوده مسلـّم به. "إذا قام مانع يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية" (مادة 82). وفي حالة اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية "[...] يقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام، ويتولى نائب رئيس الجمهورية الرئاسة مؤقتا لحين الفصل في الاتهام [...]" (مادة 85). هاتين المادتين تجعلانا نرى في نائب الرئيس كونه الرجل الثاني في الدولة وأن وجوده لا غنى عنه خصوصًا لأنهما لا تفترضا خلو المنصب وإلا لكانا أوردا عبارة إضافية تقول ما يفيد أنه في حالة عدم وجود نائب للرئيس يتولى فلان الرئاسة.

غير أن كل من المادة 82 والمادة 85 تتحدثان عن وجود موانع مؤقتة. أما "في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا ، وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة" (مادة 84). أي أن النائب هو الرجل الثاني فقط في وجود الرجل الأول فلا يحل محله إلا إذا كان الرئيس موجودًا وغير قادر لظروف المرض أو لوجوده في قفص الاتهام أو لأي سبب آخر وقتي. أما إذا خلا منصب الرئاسة بشكل دائم فيفترض الدستور أنه لا يعد لوجود النائب أي معنى فيكون الرجل الثاني في هذه الحالة هو رئيس مجلس الشعب (السلطة التشريعية) وبعده رئيس المحكمة الدستورية العليا (السلطة القضائية).

وإذا توجهّنا إلى المواد التي تنظـّم دور رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية (من المادة 137 إلى المادة 152) فنجد أن وجود المنصب وتحديد اختصاصاته خاضعين لأهواء الرئيس. تقول المادة 139 أن "لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم [...]". حرف اللام في بداية هذه الجملة يعطي للرئيس حرية تعيين النواب (وعددهم من صفر إلى مالا نهاية) دون أي قيود دستورية. للرئيس أن يضع على كاهل النائب الاختصاصات التي يريدها ويعفيه من منصبه حينما يريد ويعيّن غيره أو لا يعيّن.

هذه المادة تجعل منصب النائب أو النواب، إن وجدوا، منصب فضفاض لا حدود له غير ما يقرره الرئيس. نلاحظ أيضًا أن هذه المادة تأتي بعد المادتين 82 و85 سالفتين الذكر دون الاهتمام بذكرهما كأن تقول مثلا عبارة "مما لا يتعارض مع ما ورد في المادة 82 والمادة 85". من هنا نستخلص أن الدستور الحالي يرى في رئاسة الجمهورية شخصًا وليس مؤسسة. ولأنه شخص فهو حر يفعل ما يشاء بحسب ما يراه هو مناسبًا، أما إن كانت مؤسسة لكان الدستور عني بتحديد موقف وواضح من وجود نائب للرئيس مع تحديد مهام واضحة لهذا المنصب.

اقتراحي للدستور المنشود:

* أن يعتبر الدستور رئاسة الجمهورية مؤسسة تتكون من رئيس ونائب له (أو عدة نواب) مع توضيح اختصاصات كل واحد وحدود كل منصب.

* وأن يكون النائب أو النواب بالانتخاب ضمن الانتخابات الرئاسية بحيث يختار الشعب الفريق الذي سيتولى مسئولية الرئاسة كمؤسسة بدلاً من انتخاب شخصًا واحدًا.
ـ

Wednesday, June 08, 2005

السلطة القضائية، استقلال منقوص

مقدمة:
وفقـًا لمبدأ الفصل بين السلطات، والذي تناولته في تدوينة سابقة، يمكن أن ننتظر من الدستور أن يضمن استقلال السلطة القضائية عن السلطات الأخرى. إلا أن الدستور المصري الحالي متناقض في هذا الشأن.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:
المادة 165 من الدستور شديدة الوضوح إذ تقول أن "السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم [...]". هذه المادة كافية لكي تضمن عدم تدخل السلطات التنفيذية والتشريعية في القضاء.
غير أن المادة 173 تنص على أنه "يقوم على شئون الهيئات القضائية مجلس أعلى يرأسه رئيس الجمهورية [...]".
كون الرئيس الفرع الأول من السلطة التنفيذية من ناحية ورئيس المجلس الأعلى القائم على شئون الهيئات القضائية من ناحية أخرى، يضرب بمبدأ الاستقلالية عرض الحائط.
يضاف لذلك أن "لرئيس الجمهورية حق العفو عن العقوبة أو تخفيفها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون"، وذلك بحسب المادة 149. أي أن الدستور يبيح للرئيس التدخل العملي المنظم في أحكام القضاء. كيف نتحدث عن استقلال في هذه الظروف؟
أصل المشكلة يرجع، في نظري، إلى الوضع المزدوج للرئيس على رأس بكونه على رأس الدولة ككل وفي ذات الوقت يمثل السلطة التنفيذية (أنظر هذه الأطروحة). القضاء جزء من الدولة وبالتالي يمكن قبول فكرة كون رئيس الدولة هو رئيس القضاء فقط في حالة إذا كان ذلك بشكل رمزي دون الإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات. أما إذا كان الرئيس ينتمي إلى السلطة التنفيذية كما هو الحال في الدستور المصري الحالي فإن رئاسته للسلطة القضائية تكون غير مبررة.

اقتراحي للدستور المنشود:
أقترح عدم ورود أي مواد تنقص من استقلالية القضاء وضمان عدم تدخل الرئيس أو أي طرف آخر في شئونه.
ـ

Wednesday, May 11, 2005

الرئيس... غير مسئول! ـ

مقدمة:

رأينا في الأطروحة السابقة أن الدستور المصري الحالي يضع الرئيس في مكانة هامة إذ أن له دور كرئيس للدولة ككل ودور كرئيس للسلطة التنفيذية وهو بذلك له تأثير كبير على وضع وتنفيذ السياسة العامة للدولة. هل يعني ذلك أن الرئيس هو المسئول أمام المواطنين عن نتائج هذه السياسة؟ الإجابة بالنفي.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

"يضع رئيس الجمهورية بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها" (م 138)، كما "يلقى رئيس الجمهورية عند افتتاح دور الانعقاد العادي لمجلس الشعب بيانا يتضمن السياسة العامة للدولة" (م 132)، ومع ذلك لا يتحمل المسئولية عن هذه السياسة إلا مجلس الوزراء وحده. والمقصود بالمسئولية هنا هو قابلية المسئول لأن يتعرّض للمسائلة والاستجواب وسحب الثقة أو الإجبار على الاستقالة إذا لم يوافق الشعب أو نوابه عن هذه السياسة.

الدستور المصري الحالي واضح في هذه النقطة: "الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب على السياسة العامة للدولة. وكل وزير مسئول عن أعمال وزارته. ولمجلس الشعب أن يقرر سحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم [...]" (م 126)، وذلك بالطبع بعد الاستجواب (م 125) وتوجيه الأسئلة (م 124).

هل يوجد أي مادة مشابهة تقر مسئولية الرئيس؟ لا.

ولا يجب أن ننسى أنه بحسب المادة 141 " يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم، ويعفيهم من مناصبهم"، أي أن الرئيس يعينهم جميعًا ويضع بالاشتراك معهم السياسة، عندما يحين وقت إعلانها أما مجلس الشعب يقوم هو بإلقاء البيان أما عندما يأتي وقت الحساب ينفض الرئيس عن نفسه كل المسئولية.

بل أن الدستور المصري الحالي يذهب لأبعد من ذلك عند الحديث عن مسئولية رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب إذ أنه "[...] لرئيس الجمهورية أن يعرض موضوع النزاع بين المجلس والحكومة على الاستفتاء الشعبي [...]" (م 127) وفي حالة سحب الثقة "[...] يقدم رئيس مجلس الوزراء استقالته إلى رئيس الجمهورية إذا تقررت مسئوليته أمام مجلس الشعب" (م 128) وكأن الرئيس يأخذ موقفـًا محايدًا دون أن يتحمل جزء من المسئولية مناسب لحجم مساهمته في وضع السياسة محل النزاع.
ولا يتحمل الرئيس أي مسئولية إلا عندما "يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل." (م 85). المسئولية الجنائية ليست موضوع حديثنا هنا، أما تهمة الخيانة العظمى فهي من اسمها تدل على أن هذا الإجراء الذي يضع المسئولية السياسية على كاهل الرئيس لا يتم تطبيقه إلا في الحالات القصوى فقط لأنه في جميع الحالات الأخرى يكفي للنظام تغيير الوزير أو مجلس الوزراء المسئول.

ومن ناحية أخرى يجب أن نلاحظ أن عدم مسئولية الرئيس ليست بلا فائدة بل وراءها فكرة يمكن أن يعتبرها البعض منطقية. الرئيس هو العنصر الأكثر استقرارًا في النظام وذلك لأنه 1) غير مسئول و2) يبقى في الحكم مدة طويلة – 6 سنوات قابلة للتجديد دون حد أقصى – لضمان بقاءه على كرسيه الذي هو ضمان للاستقرار السياسي للدولة.

ليست مصر الدولة الوحيدة التي تتبنى هذه الفكرة. نموذج فرنسا قريب للنموذج المصري إذ أنها جمهورية يحكمها رئيس يشكل أيضًا العنصر الأكثر استقرارًا لأنه يظل على كرسيه طويلا ً (5 سنوات قابلة للتجديد دون حد أقصى، كانت 7 سنوات قبل تعديل هذه المادة عام 2000) وهو يتمتع أيضًا بعدم المسئولية بحسب المادة 68 من الدستور الفرنسي الحالي التي تقر أن "رئيس الجمهورية غير مسئول عن الأفعال الصادرة أثناء أداءه لوظيفته إلا في حالة الخيانة العظمى [...]" وخصوصًا أن قرارات الرئيس الفرنسي يجب أن تحمل توقيع رئيس الوزراء أو الوزير المختص حتى تكون نافذة وبالتالي يتحمّل الوزير الموقـِّع كل المسئولية.

غير أن درجة نضج ووعي الناخب الفرنسي وتطور الحياة الديمقراطية في فرنسا، وهي التي تأرجح نظامها السياسي ما بين الجمهورية والملكية والإمبراطورية منذ ثورة 1789 حتى أن الجمهورية الحالية اسمها الجمهورية الخامسة، تسمح للنظام بالاستفادة من مزايا الاستقرار السياسي الناتج عن عدم مسئولية الرئيس دون خوف من إمكانية سوء استخدامه للسلطة خصوصًا أن الرئيس (الفرنسي أو المصري) مسئول عن أفعاله بشكل غير مباشر مرة واحدة كل عدة سنوات إذا أراد أن يستمر في الحكم مدة رئاسية أخرى.

هناك نماذج أخرى مختلفة مثل إسرائيل التي لها رئيس جمهورية غير مسئول لأنه لا يحكم فعليًا إذ أن السلطات الحقيقية والمسئولية تتركز في منصب رئيس الوزراء، وكندا التي لا يوجد لديها عنصر مستقر وهي تستعير هذا العنصر من بريطانيا بواقع تبعيتها للتاج البريطاني وإن لم يكن لذلك تأثير يذكر على الحياة السياسية، وأيضًا الولايات المتحدة التي ليس فيها عنصر مستقر من الأساس وذلك حبًا في التغيير والتجديد.

اقتراحي للدستور المنشود وللقوانين المكملة له:

أقترح إعفاء رئيس الجمهورية من دوره في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها تاركين هذه المهمة للوزارة (التي سأقترح في أطروحة لاحقة أن يكون رئيسها منتخبًا) وبهذا الشكل يظل الرئيس العنصر الأكثر استقرارًا ويظل يتمتع بعدم المسئولية بحيث تكون عدم مسئوليته متناسبة مع محدودية صلاحياته.
ـ

Saturday, April 30, 2005

أين نضع الرئيس؟

مقدمة:

بناءً على ما جاء في التدوينة السابقة حول السلطات والفصل بينها أطرح تساؤل مهم: أين نضع الرئيس؟

يمكن وضع الرئيس على رأس السلطة التنفيذية بصفته العنصر الأكثر استقرارًا فيها، وهو بذلك رئيس الحكومة التي هي العنصر الأقل استقرارًا في السلطة التنفيذية.

وبالإضافة إلى ذلك يمكن وضع الرئيس على رأس الدولة ككل، أي على رأس جميع السلطات، إما بشكل فعلي بوضع جميع الخيوط في يده أو بشكل شرفي دون أن يكون له دور حقيقي أو بشكل وسطي ما بين الحالتين.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

في الباب الخامس من الدستور، وهو الباب الذي يحمل عنوان "نظام الحكم" والذي يمتد من المادة 73 حتى المادة 184، نجد أن الرئيس يحتل مكانين، فهو رئيس الدولة ككل بحسب الفصل الأول من هذا الباب (م 73 – 85) وهو يتولى السلطة التنفيذية بحسب الفرع الأول من الفصل الثالث من هذا الباب (م 137 – 152).

ومن الملاحظ أن الرئيس يُعطى مركز الصدارة في الحالتين، في صدارة نظلم الحكم ككل لأني يأتي في الباب الأول قبل جميع السلطات (التشريعية في المركز الثاني ثم التنفيذية في الثالث والقضائية في الرابع بالإضافة لعناصر أخرى ثانوية من الخامس إلى الثامن) وفي صدارة السلطة التنفيذية (قبل الحكومة التي تأتي في المركز الثاني وبعدها عنصرين آخرين ثانويين في المركز الثالث والرابع).

أرى أن هذه الصدارة المزدوجة تُعطي إمكانية لتركيز الكثير من السلطات في يد واحدة، وهو ما يجعل نظام الحكم يعتمد إلى حد كبير على الفرد. تركيز هذا الكم من السلطة يعرّض النظام لخطر سوء استخدام السلطة وبالتالي يقتضي تغيير هذا الوضع وإعادة توزيع هذه السلطات.

كما أرى أن هذه الازدواجية تجعل الأولوية للسلطة التنفيذية لأن رئيسها هو رئيس الدولة ككل، مما ينعكس بالسلب على صلاحيات السلطة التشريعية التي تجد نفسها محاطة بين مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها الرئيس والحكومة وعلى رأسها أيضًا الرئيس.

وإن كانت هذه الملاحظات لا تلمس إلا شكل وأسلوب عرض الدستور إلا أن ذلك يؤثر في المضمون كما سوف نرى في أطروحات قادمة.

اقتراحي للدستور المنشود:

أقترح إعادة النظر في موقع الرئيس من نظام الحكم للتقليل من فرص تركيز السلطات في يد شخص واحد.
ـ

Thursday, April 21, 2005

فاصل هام: فصل السلطات

هذه التدوينة هي مقدمة نظرية مهمة قبل أن نخوض في أطروحات دستورية تالية حول الفصل بين السلطات.

ما هي السُلطة؟
أبسط تعريف للسلطة على مستوى الأفراد هو أنها "قدرة الفرد على التأثير في سلوك الآخرين، برضا الآخرين وأحيانـًا رغمًا عنهم".
على مستوى أكبر وفي أي نظام اجتماعي لا بد من وجود ممارسة للسلطة حتى تتمكن المجموعة من القيام بعمل مشترك، وهذه السلطة تسمى السلطة السياسية ويمكن تعريفها على أنها مجموعة العمليات والأدوار الاجتماعية التي بواسطتها يمكن اتخاذ القرارات الجماعية وتنفيذها.

لماذا نتحدث عن فصل السلطات؟
هناك نماذج للحكم السياسي لا يوجد بها فصل للسلطات حيث يكون الحاكم (الملك أو الأمير أو الإمبراطور أو الرئيس أو الخليفة أو السلطان أو القيصر أو...) هو المسئول عن صنع القرار والقائم على تنفيذه والمشرّع والقاضي وأحيانـًا القائد الديني وأحيانـًا أيضًا الإله الذي يأمر ببناء الهرم. مشكلة هذا النظام هو أنه يعتمد على الفرد: إذا كان الحاكم صالحًا فهنيئـًا للرعايا وإذا كان فاسدًا أو متهورًا أو مستبدًا فستحل المصائب. وعلى مر التاريخ تعاقب حكام صالحون وطالحون كانوا يسيئون استخدام السلطة، ومن هنا جاءت فكرة فصل السلطات بين هيئات متعددة مستقلة بعضها عن البعض بهدف تحقيق التوازن مما يتيح لهذه الهيئات مراقبة بعضها البعض وتدارك أي محاولة للانفراد بالسلطة أو بسوء استغلال هذه السلطة. تـُنسب فكرة الفصل بين السلطات إلى الإنجليزي "جون لوك" (1636-1704) والفرنسي "مونتيسكيو" (1689 – 1755) وهو من أشهر فلاسفة التنوير وأحد واضعي الأسس السياسية العامة للمجتمعات الديمقراطية الحديثة. كتب مونتيسكيو: "إنها خبرة أزلية أن كل من لديه سلطة معرّض لأن يسئ استخدامها فهو يتمادى إلى أن يجد ما يوقفه [...] يجب وضع آليات تجعل السلطة تقف أمام السلطة".
ـ Montesquieu, De L’esprit des lois IX, VI.

الفصل بين سلطات الدولة:
لم يستخدم مونتيسكيو كلمة "فصل السلطات" بل تكلم عن توزيع سلطات الدولة الثلاث: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. هذا التوزيع يجعل الهيئة المسئولة عن التشريع، وهي غير منوطة بتنفيذه، تضع القوانين بحيث تكون قوانين عامة تسري على الكل في كل الظروف، ويجعل السلطة المسئولة عن التنفيذ لا تملك أن تضع القواعد أو تغيرها بحسب الأهواء والظروف، ثم يجعل الهيئة المسئولة عن القضاء محايدة لأنها تستند على قوانين ليس لها سلطة وضعها أو خرقها.
وفق هذا التنظيم فإن السلطة التشريعية توضع في يد البرلمان والسلطة التنفيذية في يد الحكومة والسلطة القضائية في يد المحاكم. ومن الجدير بالذكر أن الدعوة إلى الفصل بين السلطات لا تعني بأي حال من الأحوال ضعف التنسيق أو التضارب بينها لأن من المفترض أن لكل هيئة مسئوليات محددة واضحة ولأن الحكم لا يكتمل إلا بتضافر السلطات الثلاث.
نلاحظ أن بعض الأنظمة والدساتير تطلق على الصحافة لقب "السلطة الرابعة"، ولكن تظل هذه الإضافة محل التحفظات لأن لها طبيعة مختلفة خصوصًا لأنها ليست من سلطات الدولة الرئيسية مثل سابقاتها.
ـ

الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر