أطروحات دستورية

هذه المدوّنة لا تدعو لتعديل دستور مصر الحالي بل إلى تغييره ... إلى ما هو أفضل.
يحتاج الدستور المصري المنشود إلى حوار قومي يشارك فيه الشعب مع المتخصصين. وإذ يبدأ الحوار من علامات الاستفهام، جاءت هذه المدوّنة لتطرح بعض النقاط وتدعو لمناقشتها

Wednesday, March 23, 2005

هل ستكون لغتنا الأم أداة اتصال رسمية للدولة يومًا ما؟

مقدمة:

في كثير من الدول يحدد الدستور اللغة أو اللغات الرسمية الواجب استخدامها. هذه اللغة أو اللغات تصبح أدوات الاتصال التي تستخدمها الدولة لمخاطبة المواطنين فتكون لغة القوانين والتشريعات والقضاء والتعليم.

اختيار هذه اللغة أو اللغات يجب أن يعبّر عن واقع المجتمع من ناحية والإرادة السياسية من الناحية الأخرى. وبعد أن يتم هذا الاختيار يجب التمسّك بتنفيذه وإلا يفقد معناه. أما الدستور المصري الحالي فهو على غير ذلك.

تحليل ونقد الوضع الحالي في مصر:

بالرغم من أن اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية المصرية متقاربتان، إلا أنهما ليسا واحدًا. الأولى لغة مكتوبة لها قواعد محددة ولها من يهتم بشئونها (مثل مجمع اللغة العربية) وهي لغة مشتركة مع عدد من الدول والشعوب، في حين أن الثانية لا ترقى لأن تكون لغة إذ أنها لا تكتب إلا بالاعتماد على القليل من قواعد الأولى وخرق الكثير من هذه القواعد، وهي لهجة لا تجد من يهتم بشئونها ولا تخص إلا الشعب المصري وحده.

يحدد الدستور المصري في البند الثاني أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، دون الإشارة إلى اللهجة المصرية. غياب الإشارة إلى اللهجة المصرية هو في رأيي أحد النواقص الدستورية لسببين:

أولا ً لأنه لا يعبّر عن الواقع المجتمعي لأن لغتنا الأم، أي ما نتحدث به في بيوتنا ويتعلمه الطفل منذ مرحلة اكتشاف قدرته على النطق، هي اللهجة العامية المصرية. أما اللغة العربية الفصحى بقواعدها واستخداماتها الغنية فلا نتعلمها إلا عند دخولنا المدرسة (اقرأ فهامة أحمد رجب في عدد أخبار اليوم 12 مارس 2005). هذه اللهجة العامية المصرية لها أشكال إقليمية مختلفة (الصعيدية والسكندرية والبورسعيدية وغيرها) ويستثنى منها أهالي النوبة وبعض الواحات مثل سيوة حيث اللغة الأم هي النوبية والسيوية. الغريب في الأمر هو أننا نتعلـّم اللغة العربية الفصحى بالاعتماد على العامية لأن المدرسين والتلاميذ في الفصل يتحدثون بخليط من الاثنين بنسبة متفاوتة تزيد نسبة الفصحى فيها في حصص اللغة العربية والتربية الدينية لكنها لا تصل لنسبة المائة بالمائة إلا نادرًا لعدم رغبة المدرسين أو لعدم قدرتهم أو لعدم تجاوب التلاميذ الكامل.

ثانيًا لأن رجال الدولة وأجهزتها لا يقومون بتطبيق هذا البند بشكل كامل، فلا يخلو خطاب لرئيس الجمهورية أو لغيره من ممثلي الدولة من خليط بين العامية والفصحى، وتزيد نسبة العامية في الأجزاء المرتجلة أو شبه المرتجلة من الخطاب، وخصوصًا في الإجابة على أسئلة الجمهور. هذا الوضع غير دستوري، وبالتالي علينا إما أن نغيره ليتلاءم مع الدستور أو أن نغير الدستور ليكون أكثر واقعية.

اقتراحي للدستور المنشود:

* اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية المصرية هما أداتي الاتصال اللغوي للدولة (يمكن إنشاء مجمع اللهجة العامية المصرية لمتابعة تطورها ولوضع قواعد لكتابتها إذا لزم الأمر).

* تتمتع اللغة النوبية والسيوية واللهجات المحلية بصفة تفضيلية في النطاق الجغرافي التي تُستخدم فيه كلً منها (يمكن أن يستخدمها رجال السياسة في التخاطب مع جماهير هذه المناطق ويمكن استخدامها في المدارس الحكومية وإنشاء صحف وإذاعات وبرامج تلفزيونية تستخدمها).

14 Comments:

At 7:28 AM, Blogger R said...

"يحدد دستور كل دولة اللغة أو اللغات الرسمية الواجب استخدامها. هذه اللغة أو اللغات تصبح أدوات الاتصال الشفوي والتحريري التي تستخدمها الدولة بجميع أجهزتها لمخاطبة المواطنين."
ـ

من أين أتيتَ بهذه الفرضيّات؟
هل فعلاً يحدّد دستور كلّ دولة اللغات الرسميّة؟
من قال إنّ اللغة الرسميّة هي لغة التخاطب الشفهيّ؟

اللغة الرسميّة هي لغة القوانين والمراسيم والأوراق الرسميّة وليست لغة خطاب الحاكم أو مداولات المحاكم.
ـ

 
At 7:32 AM, Blogger R said...

كپسولات:
ـ"من لا يعرف الرقص يدّعي أنّ الموسيقى سيئة"

ـ أحمد رجب غلطان! لماذا يُتقِن السوريّون واللبنانيّون اللغة العربيّة رغم تحدّث الأخيرين الفرنسيّة بطلاقة، ورغم اختلاف لهجات شعوبهما العاميّة؟

- من خَيْبَتِنا وقِصَر ذيلنا! أم تريدُني أن أقول: من خِيبِتْنا وقُصْر ديلنا؟

- تابع حديث طريف مماثل لدى صاحب الأشجار

 
At 12:09 PM, Blogger Milad said...

عزيزي راء، عندك حق! لقد تسرعت بقولي "كل" الدساتير، فبحسب ويكيبيديا فإن نصف دساتير الدول فقط تحدد لغة رسمية. النسخة الفرنسية لا تذكر استخدامات اللغة الرسمية، أما النسخة الإنجليزية فتقول عنها أنها لغة المجالس التشريعية (أعتقد أننا نستنتج من ذلك أنها لغة القوانين)، في حين أن النسخة الأسبانية تضيف أنها لغة القضاء ولغة التعليم الرسمية في المدارس ما لم يتم تحديد غير ذلك. من الواضح إذن أنه لا يوجد اتفاق عام على استخداماتها. لقد قمت بتعديل هذه الجملة. شكرًا.
أما بالنسبة لأحمد رجب فأنت تختلف معه في حكمه، ولكني لا أرى فيما كتبه حكم من الأساس. هو يرصد واقع ويطرح تساؤلات ثم يقدّم دعوة عامة لأن نعترف باحتياجنا لأن نقرر خطوات لحل المشكلة، وفي ذلك أنا استشهد به لعرض جوانب المشكلة.

 
At 2:21 PM, Blogger Milad said...

تابعت الحديث الدائر لدى صاحب الأشجار وتركت تعليقـًا عن كتاب قرأت عرض موجز له يعبّر عن وجهة نظر أتـّفق معها بشكل كبير وأبني عليها اقتراحي بالاعتراف بالعامية المصرية (التي اعتبرها لهجة وليست لغة مستقلة كما جاء في الكتاب) في الدستور. هذا هو نص تعليقي لدى صاحب الأشجار:

قرأت في مجلة أحوال مصرية عرضًا لكتاب
Sacred Language, Ordinary People: Dilemmas of Culture and Politics in Egypt” by Niloofar Haeri
الذي تقر كاتبته، وهي أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة جون هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية بوجود لغتين في مصر، أطلقت على الأولى "العربية الكلاسيكية" والأخرى "العربية المصرية" بعكس من يقولون انه لا يوجد في مصر إلا لغة واحدة ذات مستويات مختلفة، وهي بذلك ترى أن المصريين المعاصرين يتخذون لغة رسمية ويستعملونها كلغة للتعليم وبعض أجهزة الإعلام، في الوقت الذي يهملون وينتقصون باستمرار من قدر لغتهم القومية بمعنى "لغة الأم" بالنسبة لهم. تذكر الكاتبة (ص38) الآتي: "ينتقد الخصوم اللغة العربية المصرية لأنها في نظرهم متساهلة أكثر مما ينبغي، ومشوشة حتى عند أي مقارنة مع غيرها، ومع ذلك فهي أيضًا اللغة الأم لهؤلاء الأشخاص الذين يحطون من شأنها".

 
At 10:10 PM, Blogger Milad said...

عزيزتي الطالبة الجامعية،
للأسف لا أمتلك إجابة على سؤالك فأنا لا أعرف إذا كان هناك من يدعو بشكل منظـّم لكتابة اللغة العامية. أعرف أن شعراء العامية يكتبون الشعر والزجل وكلمات الأغاني بالعامية، كما يستخدمها بعض رسامو الكاريكاتير مثلا ً، وأيضًا على الإنترنيت أجد مواد مكتوبة بالعامية إما باستخدام أحرف عربية أو أحرف أوروبية مع إضافة أرقام، لكن لا أعرف إذا كانت اتجاهات منظمة أو مجرد محاولات فردية. كتبت في أطروحتي بين قوسين (يمكن إنشاء مجمع اللهجة العامية المصرية لمتابعة تطورها ولوضع قواعد لكتابتها إذا لزم الأمر)، وذلك لأني بالفعل لا أعلم إذا كان هناك ما يستدعي ذلك أو لا. أنا مقتنع بشيء وهو أننا لا يجب أن نقلل من شأن لهجتنا المصرية لأنها جزء من حياتنا اليومية وبالتالي احترامنا لها هو جزء من احترامنا لأنفسنا. أعتقد من مبادرتك لعمل رسالة ماجستير حول الموضوع هو خطوة تستحقي عليها التحية لأنك بذلك تقولين أن الموضوع مهم وجدير بالدراسة داخل الجامعة.

 
At 9:47 AM, Blogger Sheltox said...

The egyptian slang is not enough as a language. Ahmed Ragab's article is an invitation to reanimate the Classic Arabic. I agree that the Classic Arabic is dying, but take Israel for an example, they totally reanimated a dead language, the widespread language among Jews before Israel was Yeddish. While the Egyptian Arabic is important now, Ramy is right
لماذا يُتقِن السوريّون واللبنانيّون اللغة العربيّة رغم تحدّث الأخيرين الفرنسيّة بطلاقة، ورغم اختلاف لهجات شعوبهما العاميّة؟

- من خَيْبَتِنا وقِصَر ذيلنا! أم تريدُني أن أقول: من خِيبِتْنا وقُصْر ديلنا؟

Salam

 
At 12:42 PM, Anonymous Anonymous said...

غصت في دليل مواقعي، إلى أن وجدت موقعا لمن يدعو إلى "لغة مصري" (لغته المصرية، على عكس العربية والمصرية القديمة، ليس فيها مذكر أو مؤنث). الصفحة الرئيسية الآن تشير إلى مجموعة المصريين المثليين والمثليات والمنجذبين إلى الجنسين.

 
At 10:52 PM, Blogger Milad said...

إلى صاحب الأشجار،
واضح أن دليل مواقعك عميق جدًا. هاهاها

 
At 11:13 AM, Anonymous Anonymous said...

أبدا. بإمكانك الإطلاع عليه كله. إن لم تكن قرأتني جديا، دعني أعيد: ما لا يعجبني في القومية المصرية هو أنها تستعمل خطابا لا تدعمه--بل تعارضه--الحقائق، وهو عرَضَ لم يسلم منه خطاب القوميين العرب أيضا. ففي حين أن الخطاب يرسم صورة مصرية لما يجب أن يكون المصريين عليه، أرى أن تفاصيله ومضمونه متمركزة بالكامل حول غرب أوروبا بدلا من مصر. لا يمكنك زيارة موقع "لغة مصري" الآن، ولكن بيومي قنديل (أكتبها بالقاف وليس بالهمزة. انطقها كيفما يحلو لك. كلنا عرب) مثلا يستعمل كلمات ذات أصوات غربية، وقد يدري أو لا يدري أن أصولها عربية (بالمعنى الضيق أو الواسع للكلمة): أفريكا، أي أفريقيا. اما أن يكتب المرء الكاهي-را ويعني القاهرة، فلا أملك إلا أن أهز رأسي في أسى. لا بأس أن نعيد اكتشاف العامية المصرية، وأنا على ثقة أنها أقرب للفصحى مما نعتقد نحن أقلية المصريين المحظوظين اقتصاديا. ما لا أفهمه هو أن نستعمل الترسانة في كلامنا في حين أن أصلها الإنجليزي آرسنال مستعار من "دار الصناعة" العربية. أنوي يوما أن أدون عن نظرية حسن حنفي في تمثل الثقافات.

 
At 7:12 PM, Blogger Milad said...

إلى صاحب الأشجار1،
آسف على سخريتي من تعليقك الأول وسببه هو أن الموقع الذي أشرت أنه من المفترض أن يدعو إلى "لغة مصري" ولكنه يشير الآن إلى مجموعة المصريين المثليين بدا لي كأنه مزحة، لم أقصد بأي حال الإساءة إلى دليل مواقعك الذي تصفحته ووجدت فيه مواقع تثير اهتمامي.

 
At 7:15 PM, Blogger Milad said...

إلى صاحب الأشجار2،
قرأت باهتمام النقاش الذي دار في مدوّنتك هنا وهنا حيث أتـّفق معك في رؤيتك العامة، كما أضفت تعليق هنا (أضفته خطأ ً أكثر منمرة، برجاء مسح التكرار). أما عن اللغة العربية واللهجة المصرية فأنا أحس بمشكلة حقيقية: نحن نتحدّث العامية دون أن نحترمها بما يكفي، وفي المقابل نحترم الفصحى بشدّة ولا نتقن الحديث بها ونقع في أخطاء كثيرة عند كتابتها. كل ما أطالب به هو احترام العامية المصرية والاعتراف الرسمي بأنها ليست أقل شأنـًا من الفصحى. لا أعرف بعد إذا كنت أحب أن تصبح العامية لغة مكتوبة، لم أحدد موقفي في هذا الشأن. طلبي باحترام اللهجة المصرية لا علاقة له بدعوة للقومية المصرية ضد القومية العربية فأنا أعرّف نفسي على أنّي مصري عربي ولا أمانع أن يعرّفني الآخرون على أني عربي مصري كما هو الحال في فرنسا حيث أعيش، كما أرفض مقولة البعض أن الأقباط أكثر مصرية من غيرهم.

 
At 6:13 PM, Blogger Milad said...

قرأت هذا المقال لإدوارد سعيد. أنصح بقراءته

 
At 6:22 PM, Anonymous Anonymous said...

أعتقد أن وجود لغة رسمية قياسية هو أحد مقومات وجود الدولة القومية؛ في بعض الأحيان تكون هذه اللغة شبه صناعية أو مهندسة. و دائما ما تكون اللغة الرسمية هي لهجة محلية توفرت لها أسباب تجعلها تفرض نفسها على كيان سياسي أكبر يضم لهجات أخر موازية، أمثلة:
-الإيطالية: لهجة فلورنسا
-الفرنسية: لهجة باريس
-الألمانية: مهندسة من لغات الأقاليم الألمانية
-العبرية الحديثة: مصممة بالاعتماد جزئيا على العبرية القديمة و متأثرة كثيرا بالنطق الأوربي

العلاقة بين اللغة و اللهجة علاقة زمنية، أي أن أي لغة هي لهجة من لغة تعلوها في شجرة تطور اللغات، و أي لهجة يمكن أن تكون لغة للهجة تدنوها. و بالرغم من وجود عتبة من الاختلافات يطلق بعدها علماء اللغويات على اللهجة موضوع الدراسة أنها أصبحت لغة مستقلة، إلا أن هذه العتبة ليست دائما قاطعة و تدخل فيها اعتبارات سياسية أحيانا، إلى جانب المحددات العلمية التي هي نفسها دائمة التطور.

كما تعرف فإن اللغة العربية القياسية كما نعرفها هي تطور للعربية التراثية التي كانت لهجة قريش و التي اكتسبت أهميتها من اعتمادها كلهجة رسمية للقرآن. لكن هذا لا يعني وجود لهجات موازية للقرشية وقت تدوين القرآن، و لا ينفي حقيقة أن هذه اللهجات تابعت تطورها - مع تأثير فيما بينها و تأثر بالقرشية - و لا تزال توجد لها أصداء في لهجات العرب حتى اليوم.

أتفق معك في وجود خصائص تميز العربية كما يتحدثها المصريون و هي مجموعة من اللهجات و ليست لهجة واحدة، حتى مع تسلمينا بحقيقة أن لهجة القاهرة بما لها من ثقل ثقافي و سياسي و سكاني أصبحت تسمع أصدائها حتى في حديث سكان أكثر المناطق تطرفا.

لكني أختلف معك في عدم وجود قواعد للعامية المصرية. لا توجد لغة بدون قواعد، و إلا كيف يقوم المستمع بتفسيرها و فهمها؟
لكن لأنه (كما تقول و أتفق معك) لا يوجد من يرعى العامية و يدرسها يسجل قواعدها كما بدأ النحاة العرب يفعلون منذ زمن، فإن هذا الانطباع يتكون لدى الكثيرين، ربما مدعوما بمحاولة احترام للغة العربية. توجد كتب لنحو و صرف العامية كلغة مصرية محكية موجهة غالبا للطلبة الأجانب. و إن كان الإملاء لا يزال معضلا.

هناك فعلا من يدعو إلى إقرار اللهجة المصرية كلغة رسمية للدولة، و هذا ليس بجديد بل حدث في القرن الماضي، لكن كل هؤلاء يفوتهم أنهم مع أنهم يغلفون دعوتهم هذه بادعاءات الخصوصية الثقافية و الأمر الواقع فإنهم في الحقيقة يدعون إلى استبدال لغة مفروضة باخرى. كيف؟ لو افترضنا أن اللغة العربية القياسية لأنها لم تعد اللغة الأم لأي منا يمكن اعتبارها مفروضة علينا، فإن الدعوة إلى استبدالها بلغتنا الأم هو في الحقيقة دعوة لاستبدالها بما لا يقل عن نصف دستة من التنويعات الرئيسية، دون ذكر التقسيمات الأصغر، لأن هذا هو العدد المبدأي للهجات التي يتحدثها سكان جمهورية مصر! إلا إن كنت تقصد استبدالها بلهجة القاهرة، و بهذا نعود إلى نقطة البداية: لغة مفروضة أخرى؛ و في هذه المرة لا توجد لها اية ميزة على باقي اللهجات، بل أنها حتى في ظل التضخم السكاني للقاهرة و حقيقة أنهم يمثلون كل سكان الجمهورية ستواجهنا صعوبة في تحديد نواة هذه اللغة في الوقت الحالي (لهجة مصر الجديدة و للا ناهيا؟).

من المشاكل الأخرى التي تواجه تبني العامية كلغة مخاطبات رسمية:
-أن أية قواعد إملائية توضع لكتابتها و تراعي النطق المحلي ستزيد من صعوبة فهم و قراءة سكان الأقاليم لكتابة بعضهم البعض، و في الحقيقة فإن الميزة التي لدينا الآن هو أنه يمكن قراءة نص مكتوب بالعربية القياسية بأي لهجة محلية تعجبك دون صعوبة كبيرة، إلا إذا كنت تشترط تسجيل التراكيب اللغوية المغرقة في المحلية.
-أن الجسم التشريعي مسجل بلغة هي أقرب إلى الفصحى مع وجود استعمالات لغوية اصطلاحية نابعة من الكيان الفقهي القانوني نفسه و إعادة إنتاجها في لغة أخرى ليس سهلا.
-أن الطريقة التي تعودنا أن نستخدم بها اللغة عموما و العامية خصوصا هي طريقة غير دقيقة غالبا و تنحو لاستخدام كلمات هي أصلا ذات معاني دقيقة و مختلفة للتعبير عن نفس المعنى، فتخيل الحال الذي يمكن أن يؤدي إليه هذا في المكاتبات الرسمية.

 
At 6:28 PM, Anonymous Anonymous said...

أعتقد أن وجود لغة رسمية قياسية هو أحد مقومات وجود الدولة القومية؛ في بعض الأحيان تكون هذه اللغة شبه صناعية أو مهندسة. و دائما ما تكون اللغة الرسمية هي لهجة محلية توفرت لها أسباب تجعلها تفرض نفسها على كيان سياسي أكبر يضم لهجات أخر موازية، أمثلة:
-الإيطالية: لهجة فلورنسا
-الفرنسية: لهجة باريس
-الألمانية: مهندسة من لغات الأقاليم الألمانية
-العبرية الحديثة: مصممة بالاعتماد جزئيا على العبرية القديمة و متأثرة كثيرا بالنطق الأوربي

العلاقة بين اللغة و اللهجة علاقة زمنية، أي أن أي لغة هي لهجة من لغة تعلوها في شجرة تطور اللغات، و أي لهجة يمكن أن تكون لغة للهجة تدنوها. و بالرغم من وجود عتبة من الاختلافات يطلق بعدها علماء اللغويات على اللهجة موضوع الدراسة أنها أصبحت لغة مستقلة، إلا أن هذه العتبة ليست دائما قاطعة و تدخل فيها اعتبارات سياسية أحيانا، إلى جانب المحددات العلمية التي هي نفسها دائمة التطور.

كما تعرف فإن اللغة العربية القياسية كما نعرفها هي تطور للعربية التراثية التي كانت لهجة قريش و التي اكتسبت أهميتها من اعتمادها كلهجة رسمية للقرآن. لكن هذا لا يعني وجود لهجات موازية للقرشية وقت تدوين القرآن، و لا ينفي حقيقة أن هذه اللهجات تابعت تطورها - مع تأثير فيما بينها و تأثر بالقرشية - و لا تزال توجد لها أصداء في لهجات العرب حتى اليوم.

أتفق معك في وجود خصائص تميز العربية كما يتحدثها المصريون و هي مجموعة من اللهجات و ليست لهجة واحدة، حتى مع تسلمينا بحقيقة أن لهجة القاهرة بما لها من ثقل ثقافي و سياسي و سكاني أصبحت تسمع أصدائها حتى في حديث سكان أكثر المناطق تطرفا.

لكني أختلف معك في عدم وجود قواعد للعامية المصرية. لا توجد لغة بدون قواعد، و إلا كيف يقوم المستمع بتفسيرها و فهمها؟
لكن لأنه (كما تقول و أتفق معك) لا يوجد من يرعى العامية و يدرسها يسجل قواعدها كما بدأ النحاة العرب يفعلون منذ زمن، فإن هذا الانطباع يتكون لدى الكثيرين، ربما مدعوما بمحاولة احترام للغة العربية. توجد كتب لنحو و صرف العامية كلغة مصرية محكية موجهة غالبا للطلبة الأجانب. و إن كان الإملاء لا يزال معضلا.

هناك فعلا من يدعو إلى إقرار اللهجة المصرية كلغة رسمية للدولة، و هذا ليس بجديد بل حدث في القرن الماضي، لكن كل هؤلاء يفوتهم أنهم مع أنهم يغلفون دعوتهم هذه بادعاءات الخصوصية الثقافية و الأمر الواقع فإنهم في الحقيقة يدعون إلى استبدال لغة مفروضة باخرى. كيف؟ لو افترضنا أن اللغة العربية القياسية لأنها لم تعد اللغة الأم لأي منا يمكن اعتبارها مفروضة علينا، فإن الدعوة إلى استبدالها بلغتنا الأم هو في الحقيقة دعوة لاستبدالها بما لا يقل عن نصف دستة من التنويعات الرئيسية، دون ذكر التقسيمات الأصغر، لأن هذا هو العدد المبدأي للهجات التي يتحدثها سكان جمهورية مصر! إلا إن كنت تقصد استبدالها بلهجة القاهرة، و بهذا نعود إلى نقطة البداية: لغة مفروضة أخرى؛ و في هذه المرة لا توجد لها اية ميزة على باقي اللهجات، بل أنها حتى في ظل التضخم السكاني للقاهرة و حقيقة أنهم يمثلون كل سكان الجمهورية ستواجهنا صعوبة في تحديد نواة هذه اللغة في الوقت الحالي (لهجة مصر الجديدة و للا ناهيا؟).

من المشاكل الأخرى التي تواجه تبني العامية كلغة مخاطبات رسمية:
-أن أية قواعد إملائية توضع لكتابتها و تراعي النطق المحلي ستزيد من صعوبة فهم و قراءة سكان الأقاليم لكتابة بعضهم البعض، و في الحقيقة فإن الميزة التي لدينا الآن هو أنه يمكن قراءة نص مكتوب بالعربية القياسية بأي لهجة محلية تعجبك دون صعوبة كبيرة، إلا إذا كنت تشترط تسجيل التراكيب اللغوية المغرقة في المحلية.
-أن الجسم التشريعي مسجل بلغة هي أقرب إلى الفصحى مع وجود استعمالات لغوية اصطلاحية نابعة من الكيان الفقهي القانوني نفسه و إعادة إنتاجها في لغة أخرى ليس سهلا.
-أن الطريقة التي تعودنا أن نستخدم بها اللغة عموما و العامية خصوصا هي طريقة غير دقيقة غالبا و تنحو لاستخدام كلمات هي أصلا ذات معاني دقيقة و مختلفة للتعبير عن نفس المعنى، فتخيل الحال الذي يمكن أن يؤدي إليه هذا في المكاتبات الرسمية.

 

Post a Comment

<< Home

الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر -الدستور المصري - دستور مصر - الدستور المصري - دستور مصر